قد تقدّم مختارها برواية ونذكرها هاهنا برواية أخرى لتغاير الروايتين [التزهيد في الدنيا]
أَلاَ وَإِنَّ الدُّنْيَا قَدْ تَصَرَّمَتْ، وَآذَنَتْ بِانْقِضَاءٍ، وَتَنَكَّرَ مَعْرُوفُها وَأَدْبَرَتْ حَذَّاءَس، فَهِيَ تَحْفِزُبِالْفَنَاءِ سُكَّانَهَا، وَتَحْدُوبِالْمَوْتِ جِيرَانَهَا، وَقَدْ أَمَرَّ مِنْها مَا كَانَ حُلْواً، وَكَدِرَمِنْهَا ما كَانَ صَفْواً، فَلَمْ يَبْقَ مِنْهَا إِلاَّ سَمَلَةٌ كَسَمَلَةِ الاِِْدَاوَةِ أَوْ جُرْعَةٌ كَجُرْعَةِ الْمَقْلَةِ لَوْ تَمَزَّزَهَا الصَّدْيَانُلَمْ يَنْقَعْاًـ، فَأَزْمِعُواعِبَادَ اللهِ الرَّحِيلَ عَنْ هذِهِ الدَّارِ المَقْدُورِعَلَى أَهْلِهَا الزَّوالُ، وَلاَ يَغْلِبَنَّكُمْ فِيهَا الاََْمَلُ، وَلاَ يَطُولَنَّ عَلَيْكُمْ الاََْمَدُ.
[ثواب الزهاد] فَوَاللهِ لَوْ حَنَنْتُمْ حَنِينَ الْوُلَّهِ الْعِجَالِ وَدَعَوْتُمْ بِهَدِيلِ الْحَمَامِ وَجَأَرْتُمْ جُؤَارَ)ـ مُتَبَتِّلِيالرُّهْبَانِ، وَخَرَجْتُمْ إِلَى اللهِ مِنَ الاََْمْوَالِ وَالاََْوْلاَدِ، الِْتمَاسَ الْقُرْبَةِ إِلَيْهِ فِي ارْتِفَاعِ دَرَجَةٍ عِنْدَهُ، أوغُفْرَانِ سِيِّئَةٍ أَحْصَتْهَا كُتُبُهُ، وَحَفِظَتْهَا رُسُلُهُ، لَكَانَ قَلِيلاً فَيَما أَرْجُو لَكُم مِنْ ثَوَابِهِ، وَأَخَافُ عَلَيْكُمْ مِنْ عِقَابِهِ. [نعم الله] وَتَاللهِ لَوِ انْمَاثَتْ قُلوبُكُمُ انْمِيَاثاً وَسَالَتْ عُيُونُكُمْ مِنْ رَغْبَةٍ إِلَيْهِ وَرَهْبَةٍ مِنْهُ دَماً، ثُمَّ عُمِّرْتُمْ فِي الدُّنْيَا، مَا الدُّنْيَا بَاقِيَةٌ، مَا جَزَتْ أَعْمَالُكُمْ [عَنْكُمْ] ـ وَلَوْ لَمْ تُبْقُوا شَيْئاً مِنْ جُهْدِكُمْ ـ أَنْعُمَهُ عَلَيْكُمُ الْعِظَامَ، وَهُدَاهُ إِيَّاكُمْ لِلاِِْيمَانِ...