

[وفيها بيان للاَسباب التي تهلك الناس]
أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ اللهَ سُبْحانَهُ لَمْ يَقْصِمْجَبَّارِي دَهْرٍ قَطُّ إِلاّ بَعْدَ تَمْهِيلٍ وَرَخَاءٍ، وَلَمْ يَجْبُرْ عَظْمَأَحَدٍ مِنَ الاَُْمَمِ إِلاَّ بَعْدَ أَزْلٍوَبَلاَءٍ، وَفِي دُونِ مَا اسْتَقْبَلْتُمْ مِنْ خَطْبٍ وَاسْتَدْبَرْتُمْ مِنْ خَطْبٍ مُعْتَبَرٌ! وَمَا كُلُّ ذِي قَلْبٍ بَلَبِيبٍ، وَلاَ كُلُّ ذِي سَمْعٍ بِسَمِيعٍ، وَلاَ كُلُّ ذِي نَاظِرٍ بِبَصِيرٍ.
فَيَا عَجَباً! وَمَا لِيَ لاَ أَعْجَبُ مِنْ خَطَإِ هذِهِ الْفِرَقِ عَلَى اختِلاَفِ حُجَجِهَا فِي دِينِهَا! لاَ يَقْتَصُّونَ أَثَرَ نَبِيٍّ، وَلاَيَقْتَدُونَ بَعَمَلِ وَصِيٍّ، وَلاَ يُؤْمِنُونَ بَغَيْبٍ، وَلاَ يَعِفُّونَعَنْ عَيْبٍ، يَعْمَلُونَ فِي الشُّبُهَاتِ، وَيَسِيرُونَ فِي الشَّهَوَاتِ، الْمَعْرُوفُ فِيهمْ مَا عَرَفُوا، وَالْمُنْكَرُ عِنْدَهُمْ مَا أَنْكَرُوا، مَفْزَعُهُمْ فِي الْمُعْضِلاَتِ إِلَى أَنْفُسِهمْ، وَتَعْوِيلُهُمْ فِي المُبْهماتِ عَلَى آرَائِهِمْ، كَأَنَّ كُلَّ امْرِىءٍ مِنْهُمْ إِمَامُ نَفْسِهِ، قَدْ أَخَذَ مِنْهَا فِيَما يَرَى بَعُرىً ثِقَاتٍ، وأَسْبَابٍمُحْكَمَاتٍ...